السبت، 24 أكتوبر 2009

فسحقا لليلى



عندما كنت في الصف الأول الثانوي استهواني الأدب العربي الذي كنا ندرسه و التهمت ما كان في ذلك الكتاب و من شدة تأثري حاولت أن أكتب قصيدة باللغة العربية الفصحى و لكني كتبت منها بيتين فقط حيث قلت: يا عين مالك لا تنامي ****** قد ضاع نومك في المنام هلا رأيت الحور تمشي ***** أم خفت في جنح الظلام و لما صرت في الصف الثالث ثانوي و بينما كنت أبعثر أوراقي القديمة و جدت قصاصة مكتوب عليها البيتين السابقين فأردت أن أكملها و لكني احترت بماذا أكملها !؟ هل اجعلها قصيدة رومانسية كبدايتها أم أحورها و أجعلها في غرض آخر. طبعا استقريت على أحد الآراء و سوف تعرفونها من خلال القصيدة :
يا عـيـن مـالـك لا تـنامــي****** قد ضــاع نــومك فــي المــنامِ
هلا رأيت الحــور تمـشــي****** أم خــفــتِ فــي جنح الـظــلامِ
قالت ومنها الدمع يجـــري****** إنــي رأيــتُ حصيــلــة الإجرامِ
إني رأيت الطفل يبــكــي ******يـرجــو حــليبــاً أو قليــل طعــامِ
ينـادي الأب و الأم ينـشـدها******ويــرجــو الــحال أضغــاث أحــلامِ
لقد رأيت عراقنا يــــكـوى****** بأســــواط من الــعــم ســـــامِ
ومســرى النبي مأسوراً ويبكي******ينادي ويصرخ يا بني الإسـلامِ
فقلت يا عين قري وارقــدي ****** حتى نرى من جمـيل أحلامـــــي

واتركي الســياسة عنكي أنها******شــــــر و مـحـــدودة بــإعــــــدامِ
قالت ومـنها الدمـــع يجـري ******هل أنــــت من بـنـــي الإســــلامِ
هل أنت من أحفاد معتــصم******وابن الولـــيد و خيـرة الأعـــــلامِ
رحــــم الله أمـة أنـتـم بـهـا ******فالنــسـاء خـير يا ثلـة الأقــــزامِ
الناس تقـتل كالنعـاج عشية ******وأنـــت فـي حــــب ووقع غرامِ
فلعل الشمس تطلع بالفــــلا******يوم بـصـحـوة أمــــة الإســـلامِ

بعدها انتهائي من القصيدة بفترة كانت هناك مسابقة في الشعر و القصة القصيرة في إدارة تعليم منطقة ****** فأتاني أحد الأساتذة الذي احترمه و اقدره بشكل كبير و قال لي أريد منك المشاركة في المسابقة فقلت له لبيك و سعديك فأبو سليمان بين يديك . ذهبنا إلى المدرسة المقام فيها المسابقة و ألقيت القصيدة ( و قد من الله علي بأسلوب الإلقاء ) و بعدها قام أحد الدكاترة و أظنه من النادي الأدبي التابع للمنطقة بالتعليق على القصيدة و قال : أظنك لن تبلغ العشرين حتى تكون رئيس وزراء ...طبعا قالها مازحا فهو يعرف أني لو كنت في الستين لن أكون رئيس وزراء و لو كنت في مثل عقلي الآن لقلت له : عاش المليك عاش الوطن و عاشت حكومتنا الرشيدة ثم انشد : سارعي للمجد و العلياء مجدي لخالق السماء ....الخ ثم عاش الملك للعلم و الوطن طنطن طن ...اقصد نقطة بدون طنطنه . و بعدها قال لي : لماذا تكتب في هذه الأشياء يا أخي اكتب عن المدرسة أو الشجرة أو حتى الوردة !!!! و ابتعد عن مثل هذه المواضيع . طبعا أنا لم أرد من الهيبة أو قل إذا شئت الخوف( و صغر السن له دور في الموضوع) بل كانت نظراتي موزعة بين الدكتور و أستاذي ففهم استاذي و قال له : لابد للإنسان أن يتأثر بما حوله من مصائب لإخوانه المسلمين فقال له الدكتور : لابد له أن يبتعد عن هذه الأشياء فليس مسئولا عن ما يحدث هناك ويوجد منه أكبرمنه ليتحذث أما هو فليكتب عن ما حوله من مدرسة و وردة أو اكتب عن حكومتنا الرشيدة. طبعا بعدها لم اكتب حرفا واحدا في الشعر إلا ما خلا . و قد قرأت قصيدة لأحمد مطر و تذكرت قصتي مع تلك ال
مسابقة و هي :

شِعـرُكَ هذا .. شِعْـرٌ أَعـوَرْ !
ليسَ يرى إلاّ ما يُحـذَرْ :
فَهُنـا مَنفى، وَهُنـا سِجـنٌ
وَهُنـا قَبْـرٌ، وَهُنـا مَنْحَـرْ .
وَهُنَـا قَيْـدٌ، وَهُنـا حَبْـلٌ
وَهُنـا لُغـمٌ، وََهُنـا عَسْكـرْ !
ما هـذا ؟
هَـلْ خَلَـتِ الدُّنيـا
إلاَّ مِـنْ كَـرٍّ يَتكـرَّرْ ؟
خُـذْ نَفَسَـاً ..
إسـألْ عن لَيلـى ..
رُدَّ على دَقَّـةِ مِسكـينٍ
يَسكُـنُ في جانبِكَ الأيسَـرْ .
حتّى الحَـربُ إذا ما تَعِبَتْ
تَضَـعُ المِئـزَرْ !
قَبْلَكَ فرسـانٌ قـد عَدَلـوا
في مـا حَمَلـوا
فَهُنـا أَلَـمٌ .. وهُنـا أَمَـلُ .
خُـذْ مَثَـلاً صاحِبَنا (عَنتَـرْ)
في يُمنـاهُ يئِـنُّ السّـيفُ
وفي يُسـراهُ يُغنّي المِزهَـرْ !

**
ذاكَ قَضيّتُـهُ لا تُذكَـرْ :
لَـونٌ أسمَـرْ
وَابنَـةُ عَـمٍّ
وأَبٌ قاسٍ .
والحَلُّ يَسـيرٌ .. والعُـدّةُ أيْسَـرْ :
سَـيفٌ بَتّـارٌ
وحِصـانٌ أَبتَـرْ .
أَمّـا مأسـاتي .. فَتَصَــوَّرْ:
قَدَمــايَ على الأَرضِ
وقلـبي
يَتَقَلّـبُ في يـومِ المحشَـرْ !

**
مَـعَ هـذا .. مثلُكَ لا يُعـذَرْ
لمْ نَطلُـبْ مِنـكَ مُعَلَّقَـةً ..
غازِلْ ليلاكَ بما استَيْـسَرْ
ضَعْـها في حاشِيـةِ الدّفتَـرْ
صِـفْ عَيْنيهـا
صِـفْ شَفَتيهـا
قُـلْ فيهـا بَيتـاً واتركْهـا ..
ماذا تَخسَـرْ ؟
هَـلْ قَلْبُكَ قُـدَّ مِـنَ المَرمَـرْ ؟!

**
حَسَـناً .. حَسَـناً ..
سَـاُغازِلُها :
عَيْناها .. كظـلامِ المخفَـرْ .
شَفَتاها .. كالشَّمـعِ الأحمـرْ .
نَهـداها .. كَتَـورُّمِ جسمـي
قبـلَ التّوقيـعِ على المحضَـرْ .
قامَتُهـا .. كَعَصـا جَـلاّدٍ ،
وَضَفيرتُها .. مِشنَقَـةٌ ،
والحاجِـبُ .. خِنجَـرْ !
لَيْـلايَ هواهـا استعمارٌ
وفـؤادي بَلَـدٌ مُستَعْمَـرْ .
فالوعـدُ لَديْها معـروفٌ
والإنجـازُ لديهـا مُنكَـرْ .
كالحاكِـمِ .. تهجُرني ليـلى .
كالمُخبرِ .. تدهَمُـني ليلا !
كمشـاريـعِ الدّولـةِ تَغفـو
كالأسطـولِ السّادسِ أسهَـرْ .
مالي منها غـيرُ خَيـالٍ
يَتَبَـدّدُ سـاعةَ أن يَظهَـرْ
كشِعـارِ الوحـدةِ .. لا أكثـرْ !
ليلـى غامِضَـةٌ .. كحقـوقي،
وَلَعُـــوبٌ .. كَكِتـابٍ أخضَـرْ !

**
يكفـي يا شاعِرَنا ..
تُشكَـرْ !
قَلَّبتَ زبالتَنا حـتّى
لمْ يبـقَ لمزبلـةٍ إلاّ
أنْ تخجـلَ مِـنْ هذا المنظَـرْ !
هـل هذا غَـزَلٌ يا أغبَــرْ ؟!

**
قُلتُ لكـم .
أَعـذَرَ مَـنْ أَنـذَرْ .
هـذا ما عِنـدي ..
عَقْـرَبـةٌ
تُلهمُـني شِعـري .. لا عبقَـرْ!
مُـرٌّ بدمـي طَعْـمُ الدُّنيـا
مُـرٌّ بفَمـي حتّى السُّكّـرْ !
لَسـتُ أرى إلاّ ما يُحـذَرْ .
عَيْنـايَ صـدى ما في نَفْسـي
وبِنَفسـي قَهْـرٌ لا يُقهَـرْ .
كيفَ أُحـرِّرُ ما في نفسـي
وأَنـا نفسـي .. لم أَتحَـرّرْ ؟!


أحمــد مطــر

فسحقا لليلى إن أتاني ندائها ***** ومؤمن في أرضه يشكوالعدى
و سحقا ثم سحقا-لها- عندما***** ينـــادي المــنادي لـيوم الــفدى
ابو سليمان.